كلمة الأخ نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في المؤتمر الإقليمي الثالث لنقابات عمال النقل العالمي
الرفيق رئيس الفدرالية العالمية لنقابات عمال النقل،
الرفيق الأمين العام للفدرالية العالمية لنقابات عمال النقل،
الرفيق ممثّل الاتحاد النقابي الدّولي،
السيد وزير الشؤون الاجتماعية،
السيد وزير النقل،
السادة الرؤساء المديرون العامون لشركات النقل بالأقطار العربية الشقيقة،
الإخوة المؤتمرون ممثلي نقابات النقل بالأقطار العربية الشقيقة،
الاخوات والاخوة الضيوف،
إنّه لشرف عظيم لنا في الاتحاد العام التونسي للشغل أن تحتضن تونس فعاليات المؤتمر الإقليمي الثالث لنقابات عمّال النقل في العالم العربي. وإنّه لمن دواعي سروري أن أرحّب بضيوفنا الكرام وأن أتوجّه بالشكر الجزيل للفدرالية الدولية لعمّال النقل على منحنا هذا الشرف والتحيّة والإكبار لأشقّائنا في نقابات عمّال النقل العربية المشاركة، على ثقتهم المتجدّدة.. وكلّ الامتنان والتقدير لنبل مشاعركم جميعا تجاه منظّمتنا.
الإخوة نوّاب المؤتمر،
السيدات والسادة الضيوف،
جميعنا في المنطقة العربية على بيّنة بما ينتظرنا من تحديات خطيرة مردّها مخلّفات الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة ونماذجها التنموية الفاشلة وتداعيات الانفلات الأمني الناجم عن استشراء الإرهاب والتهريب المدمّر للاقتصاد ولمقوّمات العمل اللائق في أغلب الأقطار العربية.
وجميعنا يدرك خطر الأطماع الخارجية الداهم، والذي يسعى أصحابه إلى التموقع الجيو-استراتيجي عبر إلهاء شعوبنا بالاقتتال والزجّ بها في دوّامة الحروب الأهلية والفوضى ليتسنّى لها التفرّد بمقدّرات وثروات المنطقة.
وجميعنا على بيّنة أيضا بما ينتظرنا، كنقابات مدعوّة للدفاع عن حقوق العمّال، من مهامّ شاقة ومضنية ومن مراجعات مؤلمة ومن مواعيد نضالية حاسمة ومصيرية تفترض المثابرة والمكابدة، وطول النفس. فاكتساب حقّ الوجود كنقابات حرّة ومستقلّة أصبح يتطلّب الكثير من الجرأة على محاسبة النفس وعلى مراجعة أساليب عملنا ومناهج تفكيرنا.
الإخوة نوّاب المؤتمر،
السيدات والسادة الضيوف الكرام،
لا شكّ أنّكم على علم بالمساعي الرائدة الذي ما انفكّت تقوم بها الفدرالية الدولية لعمّال النقل من أجل تطوير خطّة استراتيجية نقابية لمواكبة التحوّلات التكنولوجية والصناعية السريعة، وأهمية تمليكنا واستبطاننا لهذه الاستراتيجية بالنسبة لمستقبل عملنا النقابي في المنطقة.
ولا شكّ أنّكم تدركون أيضا مدى الأزمة التي لحقت أجزاءً كثيرة من قطاع النقل في أقطارنا العربية جرّاء سياسات الخصخصة المنتهجة والتعطّل في مواكبة هذه التحوّلات، وبسبب الحروب الأهلية وأعمال التخريب الإرهابية التي لحقت أكثر من بلد وتسبّب في شلّ العديد من قطاعات الإنتاج والخدمات التي يحتلّ فيها قطاع النقل مكانة محورية هامّة.
وحتّى نجيد التعامل مع هذه المتغيّرات التكنولوجية ومع خصوصيّات المرحلة التي تمرّ بها منطقتنا، أصبح لزاما علينا كنقابات عربية أن نعمل على عديد الواجهات وأن نستحضر دائما بالخصوص ثلاثة مفاهيم رئيسية وهي:
أوّلا: أنّ التحوّلات التكنولوجية ليست تطوّرا مستقبليّا منظورا بل واقعا معاشا لا مفرّ منه ولا مجال لإنكاره.
ثانيا: أنّ التصدّي لهذه التحوّلات ليس بالأمر الممكن، وأنّ المطلوب التقليل من آثارها والتعامل معها عن طريق خلق فرص عمل جديدة وذات قيمة مضافة عالية تقوم على تثمين التكوين والتعلّم على مدى الحياة والنهوض بالموارد البشرية والإحاطة بها ماديا ومعنوياّ، والعمل على التقليل من آثارها.
ثالثا: أنّ النجاح في هذه المهمّة يقتضي تظافر الجهود على جميع المستويات واعتماد استراتيجيات تحوّل عادلة ومنصفة والتمسّك بقطاع النقل مرفقا عموميّا بالأساس وبدور الدولة التعديلي. كما يقتضي من النقابات التأقلم مع المستجدّات باعتماد نماذج جديدة للهيكلة وبتملّك مستلزمات التخطيط وتقنيات الاتصال والتواصل والتأطير. لكلّ هذه الاعتبارات:
- علينا كنقابات عربية مهما كان موقعنا القطاعي أو المحلّي أو الإقليمي أن ننكبّ على تنمية قدراتنا وأن نجعل من التشاركية والشفافية والمساءلة والمكاشفة مبادئ أساسية في تسيير شؤوننا النقابية.
- علينا أن ننهض ونستنهض كلّ قوانا للوقوف صفّا واحدا من أجل التشهير محليا ودوليا لكلّ الدول التي تناهض العمل النقابي الحرّ والمستقلّ وأن نثابر على مناصرة ومعاضدة كلّ التعبيرات النقابية المستقلة الناشئة لفرض حقّها في الوجود وفي الممارسة الحرّة لنشاطها وفق مقتضيات معايير العمل الدولية.
- علينا أن نستميت في الدفاع عن حقوقنا وحرياتنا واستقلالية قرارنا كلّفنا ذلك ما كلّفنا.
- علينا أن نرفض وأن نقاوم العبودية الجديدة في العمل المستشرية تحت عنوان المرونة والتنافسية والمغيّبة للحماية والعدالة الاجتماعية والسالبة للكرامة البشرية.
- علينا أن ندافع بكلّ ما أوتينا من قوّة على دور قطاع النقل في التنمية وفي التكامل الاقتصادي
- علينا أن نجعل من حقوق المرأة ومن مقاومة التمييز أولوية مطلقة، وإنّ تطوّر حملات الانتساب داخل قطاعنا.
- علينا أن نجعل من حماية البيئة واجبا صحّيا واستحقاقا تنمويا.
- علينا أن نحشد التضامن للدفاع عن حقوق العمال المهاجرين والوقوف إلى جانب الفقراء والمعطّلين والمهمّشين.
- علينا أن نثبت انتماءنا للحركة النقابية العالمية.
الإخوة نوّاب المؤتمر،
السيدات والسادة الضيوف،
أنّنا ندرك صعوبة وضراوة المعركة التي تنتظرنا وأنّ الطريق وعرة ومليئة بالمطبّات، لكنّنا على أشدّ الثقة بجدارتنا للفوز فيها لأنّنا على يقين من أنّنا لن نكون وحدنا لخوض غمار هذه المعركة. فلنا في الحركة النقابية العالمية التي نفتخر بالانتساب إليها، أصدقاء صادقين نعوّل عليهم للوقوف إلى جانبنا، أصدقاء لم يتردّدوا في مؤازرتنا من أجل رفع تحدّي الانتقال التدريجي لمنطقتنا التي تنفرد، وكما ذكرت سابقا، بأعلى النسب القياسية في مجال انتهاك الحريات الأساسية، إلى مصاف المناطق التي يؤمّها الأمن والاستقرار تحكمها الديمقراطية وروح المواطنة.
الإخوة نوّاب المؤتمر،
السادة الضيوف الكرام،
لا يسعني، إزاء ما يجري من اعتداءات متكرّرة ومن غطرسة وعربدة للكيان الصهيوني المحتلّ في حقّ الشعب الفلسطيني الأعزل، إلاّ أن أقول أنّ الوقت قد حان للتحرّك من أجل إنهاء هذه المظلمة الإنسانية، وأن ندعو المجموعة الدولية لتكثيف جهودها وممارسة ما يلزم من الضغط قصد الوصول إلى التطبيق الكامل والشامل لقرارات مجلس الأمن وتمكين شعبنا الأبيّ الصامد من حقّه الكامل في استرجاع أراضيه وتقرير مصيره وفي بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفي الختام، أجدّد شكري لكلّ الضيوف ولجميع الأصدقاء الذين ساهموا معنا في الإعداد لهذا المؤتمر الذي نأمل أن يفضي إلى نتائج إيجابية، وأن يخرج ببرامج عملية تمكّننا من تحقيق أهدافنا، وأن يساهم في دعم المسار الذي اخترناه لحركتنا النقابية العربية على درب الحرية والاستقلالية والديمقراطية والنضالية والذي جسّدناه منذ ثلاث سنوات باستحداث الاتحاد العربي للنقابات المتفرّع عن الاتحاد العالمي للنقابات.
التوفيق والنجاح لأشغال مؤتمركم،
عاشت نضالات الطبقة الشغيلة،
عاشت نضالات عمّال النقل في الوطن العربي وفي العالم