أخبار الرئيسية

كلمة الأخ نور الدين الطبوبي بمناسبة إحياء عيد النصر والتحرير

كلمة الأخ نور الدين الطبوبي

الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

بمناسبة إحياء عيد النصر والتحرير

25 مايو/ أيّار 2017

 

الأخ الأمين العام للاتحاد العام لعمّال لبنان،

أخواتي وإخوتي في النضال،

هنيئا لكم يا أحرار الاتّحاد ويا شعب لبنان المناضل وهنيئا للمقاومة الوطنيّة الباسلة بعيد النصر والتحرير.. عيد المقاومة والصمود.

والرحمة والخلود لشهداء الوطن، والتحيّة والإكبار لجرحاه وأسراه الذين صمدوا وثبتوا أمام عنجهيّة الآلة العسكرية الإسرائيلية وشتى جرائمها البربريّة الغاشمة.

المجد والفخر للمقاومة اللبنانية الأبيّة التي ضربت أروع الأمثلة وخطّت أمجد الصفحات الملحميّة الأسطوريّة لتفرض بفضل صلابة عزيمتها وأصالة منبتها دحر الاحتلال الصهيوني وردّه على أعقابه معلنة بذلك نهاية أسطورة تفوّقه الموهوم على الإرادة العربية التي لن تنكسر.

أولم يقل فقيد الكلمة الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد:  “ولو قتّلونا كما قتّلونا.. ولو شرّدونا كما شرّدونا.. لعدنا غزاة لهذا البلد.. وعاد إلى أرضنا الشجرُ.. وعاد إلى ليلنا القمرُ.. وصاح الشهيد: سلام .. سلام على من صمد“.

أخواتي وإخوتي في النضال،

إنّ ما يجري اليوم من أعمال إرهابية مدمّرة ومُمَنهجة في أكثر من قطر عربي، أودت بحياة الآلاف من الأبرياء وحكمت على مئات الآلاف من المواطنين بالتشرّد واليتم والحرمان كما أنّ ما نعانيه من أعراض الاستكانة والتصدّع والتفكّك والوهن في مستوى الأداء العربي على المستويين القطري والإقليمي تجعلنا نتساءل في حيرة عمّا تبقّى لنا اليوم من قدرة على قيادة الإصلاحات التي تطمح إليها شعوبنا، وعلى إدارة المسارات الانتقالية في ربوعنا العربية على قاعدة الحوار والتوافق لا الاقتتال والتناحر، وعلى التأثير فيما يتّخذ من قرارات وسياسات بشأن المنطقة ومصيرها.

أخواتي وإخوتي في النضال،

لقد أصبح مستقبل الوطن العربي اليوم، وللأسف الشديد، يتقرّر خارج حدوده، واللاعبون الحقيقيون في المنطقة، أصبحوا وللأسف الشديد كذلك، من غير العرب. ونتيجة لذلك أصبحت بوادر التجزئة والتقسيم أمرا قائما في أكثر من قطر عربي، بدءً بالعراق، مرورا بالسودان وسوريا وليبيا ولبنان واليمن والبقيّة آتية.. بوادر تجزئة وتقسيم تندرج جميعها في سياق المخططات والأجندات الخارجية التي يحرّكها طمع الاستحواذ على مدخّراتنا الطبيعية، وتدفعها الرغبة المحمومة في تحويلنا الى مجرّد ورقة ضغط دولية من أجل مآرب جيواستراتيجية.

لقد أدّت هذه المخططات، أيتها الأخوات أيها الإخوة، إلى الحيلولة دون بناء الصرح العربي ودون التقدّم في تلبية استحقاقات شعوبنا في التنمية والرخاء، ومنعته من استعادة إشعاعه وتفعيل دوره إقليما ودوليا.

وقد أصبح معلوما اليوم، أيتها الأخوات أيها الإخوة، أنّ الهدف من هذه المخططات والأجندات، ليس سوى تغذية الصراعات والفتن بين كيانات الوطن العربي إلى حدّ العداء والاقتتال تحت يافطات دينية مذهبية أو طائفية عشائرية أو إِثْـنـِيَّـة أو إيديولوجية.. صراعات جعلت من عشرات الآلاف من الشباب العرب وقودها بعد أن دفع بهم اليأس والتهميش وبعد أن ذاقوا مرارة الغبن والحرمان والاغتراب، فانقادوا لقمة سائغة في أيدي مدبّري تلك المخططات والأجندات وتحوّلوا أداة طيّعة وقنابل موقوتة موجّهة لتخريب أوطانهم وتقتيل ذوي ملّتهم من العرب والمسلمين ومن مختلف الدّيانات الأخرى.

النتيجة المرعبة، كما نعيش أطوارها المأساوية اليوم، هي الهاء نخبنا بالجدل العقيم، وإرباك مؤسّساتنا بالتّجاذبات الغوغائية عديمة الجدوى. أما الغاية من ذلك، فهي الاستحواذ على ثرواتنا حتى وإن لزم الأمر بافتعال التدخل العسكري المباشر تحت غطاء مقاومة الإرهاب الذي زرعوه بأيديهم.

ولكن الهدف المقصود، يبقى أوّلا وأخيرا، إطلاق يد الكيان الصهيوني الاستعماري والعنصري لينشر الرعب في الأراضي العربية المحتلة وليحكم حصاره عليها وليوغل في التنكيل بشعبنا الفلسطيني الأعزل وفي استباحة ممتلكاته وحقوقه ومصادرة حرية أبنائه في السجون والمعتقلات بتواطؤ عربي مفضوح وتحت صمت دولي مريب أعمته الآلة الإعلامية والدعائية التي سخرها مدبّرو تلك المخططات والأجندات عن التمييز بين العمل الإرهابي الجبان المسخّر للتقتيل والترهيب وبين المقاومة الشريفة والمشروعة من أجل التحرّر واستعادة الأراضي المسلوبة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

فتحية إكبار لإخواننا الأسرى الفلسطينيين الذين يخوضون ببسالة معركة الحرية والكرامة في سجون الاحتلال وَأَقْـبِـيَـةَ معتقلاته دفاعا عن حقوقهم الأساسية المشروعة وعن كرامتهم وكرامة شعبهم متحدّين كلّ المخاطر التي يمكن أن تطالهم جرّاء طول أمد إضراب الجوع البطوليّ الذي أكّد من جديد أنّ إرادة المقاومة لن تنكسر رغم شتّى صنوف المعاملة غير الإنسانيّة التي يلقونها ليكون هذا الإضراب عنوانا لها وجد كلّ الدّعم والإسناد من قبل كلّ قوى الحريّة في العالم ومن ضمنها الاتّحاد العامّ التّونسيّ للشغل.

 

 

أخواتي وإخوتي في النضال،

إن المخاض الذي تعيشه منطقتنا العربية على درب الانتقال الديمقراطي مخاض عسير محفوف بالمخاطر الداخلية وبالأطماع الخارجية، في وقت ما انفكّ فيه شبابنا العربي عن التّطلّع إلى حياة أفضل وإلى فسحة من الأمل تنتشله من حالة اليأس التي أضحى عليها بسبب النماذج التنموية الفاشلة.. هذه النماذج التي أثبتت الأحداث والانتفاضات والثورات التي هزّت منطقتنا في السنوات الأخيرة مدى عقمها ومدى تعارضها مع مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية ومع القيم الإنسانية الكونيّة الشّاملة.

فما نعيشه اليوم من هشاشة ووهن في أوضاعنا الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية يؤكّد صدق النقد الذي ما انفكّت مكوّنات المجتمع المدني، وفي مقدّمتها النقابات، توجّهه لخيارات العولمة الليبرالية التي أطلقت العنان لآليات السوق دون ضوابط ولا رقابة، وللمضاربات المالية التي فرضت على أغلب بلدان العالم وصفات اقتصادية مستنسخة قصد اخضاعها لمنطق التحرير الاقتصادي والالتزام بمتطلّبات جلب الاستثمار الأجنبي والخصخصة وإضعاف قدرة دولنا الوطنية ومجتمعاتنا على إدارة مواردنا وصياغة خياراتنا بأنفسنا في كنف الحرية والاستقلالية.

إنّ الذين ينتظرون حصول معجزة أو إطلالة مستقبل أفضل، دون أن يتخلوّا عن جمودهم، هم مهدّدون بالتراجع والانحدار، على اعتبار أنّ البلدان المنافسة لنا هي بصدد ترسيخ مقوّمات المواطنة ومصداقية المؤسّسات ونظم العمل، وهي تتحاور بشأن مشاكلها وتستنبط الحلول، وتبحث عن اتفاقات ضامنة لتعبئة الجميع، وتتحرّك لمتابعة نسق التطوّر ودعم قدراتها التنافسية وتوسيع مكتسباتها الاقتصادية والاجتماعية.

لقد أصبح من المسلّم به اليوم أنّه لا مجال للتقدّم ولا مجال لتلبية ما تنشده شعوبنا وشبابنا من عيش كريم ومن استقرار في العمل ومن رغبة في الاندماج والمشاركة في الحياة العامّة، دون نقابات قويّة مستقلّة حقيقية ومجتمع مدني فاعل ويقظ وإلى منظّمات أصحاب عمل مستقلّة وممثّلة وإلى دولة قويّة بمؤسّسات ديمقراطية وفاعلة.

إنّ وجود حركة نقابية مستقلّة وممثّلة ومناضلة وقويّة وديمقراطية لم يعد مطلبا عمّاليّا فقط بل أصبح ضرورة لا مفرّ منها لتحقيق التنمية ولتحصين المجتمع ضدّ كلّ مظاهر التطرّف والعنف وضدّ كلّ أشكال الحيف الاجتماعي والتهميش والإقصاء.

فلنعمل جميعا على مزيد ترسيخ نضالنا النّقابيّ وتحصينه وعلى تمتين عرى وحدتنا النّقابيّة في شتّى الأقطار العربيّة ليكون العمل النّقابيّ كما ظلّ دوما وجها من وجوه المقاومة وسندا لرجائنا وطموحنا إلى غد أفضل.

المجد والخلود لشهداء المقاومة الأبطال،

ولتحيا لبنان حرّة منيعة مستعصية صامدة أمام الغطرسة الصهيونية،

وعاش التضامن النقابي العمالي العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى