أخبار الرئيسيةبيانات الاتحادبيانات وبلاغات

بيان الاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة إحياء اليوم العالمي للعمل اللائق

تونس، في 06 أكتوبر 2020

بيــــان

 

يحيي الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم العالمي للعمل اللائق الذي يوافق اليوم السابع من شهر أكتوبر من كلّ سنة.

ويمثّل إحياء هذا اليوم، تأكيدا على تمسّك العمّال ومنظّماتهم النقابية، في مختلف بلدان العالم، بحقّهم جميعا، نساء ورجالا، في الحصول، دون تمييز على عمل منتج ومجزي يتمّ في شروط وظروف تحفظ الكرامة وتوفّر السلامة وتضمن الحماية الاجتماعية للعامل ولأسرته وتمنحه إمكانية الاندماج الإيجابي في المجتمع وتسمح له بالانتساب للنقابات وبالتعبير عن مشاغله والمشاركة في اتخاذ القرارات التي من شأنها التأثير على حياته، كلّ ذلك في إطار من المساواة التامة في الفرص ودون تمييز في المعاملة بين النساء والرجال.

ويأتي إحياء هذا اليوم العالمي لهذه السنة 2020 في ظلّ أوضاع صحيّة كارثية ناتجة عن انتشار جائحة فيروس كورونا كوفيد-19 وما خلّفته من تداعيات سلبية اقتصادية واجتماعية وما سبّبته من تراجع خطير لجميع مؤشّرات العمل اللائق في بلادنا.

ذلك أنّ الإحصائيات والتقارير الرسمية الوطنية والدولية تشير كلّها إلى تنامي نسبة البطالة لتتجاوز 18%‎ مع إمكانية جدّية لتصل إلى أعتاب 20%‎ مع نهاية السنة. كما تسجّل ذات التقارير استفحال موجات التسريح الجماعي للعمّال وغلق المؤسّسات، خاصّة في القطاعات الاقتصادية الأكثر هشاشة مثل قطاع السياحة وقطاع البناء وقطاع النسيج علاوة على إصابة عديد العمّال بالفكر والساعد بكورونا كوفيد-19.

وما يزيد الأمور استفحالا تحميل الجزء الأثقل من تبعات الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الجائحة للعمّال ومن خلالهم لعائلتهم وذلك من خلال التأخير الكبير في دفع الاجور والمنح المستحقة واجراءات الإحالة على البطالة الفنية والتحايل على حقّ الأجراء في التمتّع بالعطل خالصة الأجر وببعض الامتيازات العينية.

والحقيقة أنّ النقص الفادح في العمل اللائق ليس وليد هذه الأزمة المستجدّة وإنّما هو ظاهرة سابقة لها بحيث لم تفعل الجائحة سوى تسريع نسق انهيار مقوّمات العمل اللائق وتراجع مؤشّراته.

إنّ توفير العمل اللائق يتعلّق بحقوق أساسية مشروعة يكرّسها الدستور ومعايير العمل الدولية المضمّنة صلب الاتفاقيات التي صادقت عليها الدولة التونسية، ولا يمكن بالتالي أن يتحوّل إلى قضيّة ربح أو خسارة، هذا فضلا عمّا تكشفه الدراسات والتقارير الصادرة عن مكتب العمل الدولي من أنّه إذا ما كان تحسين شروط الاستخدام وتعزيز الحماية الاجتماعية ينعكس على تكاليف وأعباء فإنّ العمل اللائق غالبا ما يغطّي تكاليفه ويساهم في تحسين الكفاءة الاقتصادية والرفع من درجة التزام الأجراء ومن مستويات الانتاج والإنتاجية. كما تكشف ذات الدراسات والتقارير أنّه حيث يوجد حوار اجتماعي مزدهر وفعّال يتّسم المناخ الاجتماعي بالاستقرار وتتّجه المؤشّرات الاقتصادية إلى التحسن.

ولعلّ من أهم مظاهر قلّة اهتمام أصحاب العمل والحكومات المتعاقبة في بلادنا بالنهوض بمقوّمات العمل اللائق، ما نشهده من انعدام الحرص على الالتزام بما تمّ التعهّد به بمقتضى الاتفاقات المبرمة بين أطراف الانتاج وتفعيل مضامينها، وفي مقدّمة هذه الاتفاقات العقد الاجتماعي الممضى بين الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والحكومة التونسية بحضور المدير العام لمنظّمة العمل الدولية تحت قبّة المجلس الوطني التأسيسي في الذكرى الثانية للثورة بتاريخ 14 جانفي 2013.

وكذلك الشأن بالنسبة لمذكّرة الاتّفاق حول برنامج العمل اللائق لتونس والممضى بين نفس الأطراف بتاريخ 21 جويلية 2017 بمقرّ منظّمة العمل الدولية بجنيف والتي تعهّدت بموجبها أطرافها بتنفيذ برنامج العمل اللائق لتونس تحت عنوان: “العقد الاجتماعي، مثال مستجدّ لبرنامج العمل اللائق لكلّ بلد، بتونس للفترة 2017-2022” واتّفقت على ضبط الاولويات التالية:

الاولوية الأولى: النموّ الاقتصادي والتنمية الجهوية، نموّ شامل ومستدام ومتوازن وعادل بين الجهات.

الاولوية الثانية: التشغيل والتكوين المهني

الاولوية الثالثة: نحو منوال جديد للعلاقات المهنية والعمل اللائق.

الاولوية الرابعة: إصلاح شامل للحماية الاجتماعية بتونس.

الاولوية الخامسة: مأسسة الحوار الاجتماعي.

ونحن في الاتّحاد العام التونسي للشغل وانطلاقا من إيماننا الراسخ بأهمية العمل اللائق وبما له من فوائد أكيدة في تعزيز الرقيّ الاجتماعي ودفع النموّ الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والنهوض بالتشغيل والانتقال من الاقتصاد غير المنظّم إلى الاقتصاد المنظّم، فإنّنا لم ندّخر جهدا في السعي نحو تكريس مقوّمات العمل اللائق والمساهمة الفعلية في توفير مقدّمات تحقيق هذا الهدف وذلك من خلال مجهود متواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات ومندرج في سياق الدفع نحو تفعيل مضامين العقد الاجتماعي وتفعيل بنود مذكّرة التفاهم بشأن برنامج العمل اللائق لتونس ومتمثّل في التحضير والتمهيد لحملة وطنية تشريعية هدفها مطابقة التشريعات الشغلية للدستور ولمعايير العمل الدولية المضمّنة في اتّفاقيات العمل الدولية الملزمة للدولة التونسية والتي ينزّلها الدستور منزلة أعلى من القوانين الداخلية.

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف أمّن الاتحاد انجاز عدد مهمّ من الانشطة العلمية، منهــــــــا:

  • إعداد مشاريع لمراجعة جميع الاتّفاقيات المشتركة القطاعية بما يَضمن تحيينها ومطابقتها للدستور ولمعايير العمل الدولية.
  • تكليف لجنة من خبراء القانون والعلاقات المهنية بإعداد تصور لمشروع تحيين لمجلة الشغل لضمان مطابقة أحكامها للدستور ولمعايير العمل الدولية.
  • الإعداد لمشروع مراجعة للنظام الأساسي العام لأعوان الوظيفة العمومية وكذلك للنظام الأساسي العام لأعوان المنشآت والمؤسّسات العمومية بغية مطابقتهما مع أحكام الدستور ومعايير العمل الدولية.
  • مراجعة الأنظمة الأساسية الخاصّة لمطابقتها مع الدستور ومعايير العمل الدولية.
  • العمل على القضاء على العمل الهشّ (حضائر، نوّاب التعليم الأساسي والثانوي، المتعاقدين في المستشفيات…).
  • تكريس المبدأ الكوني للحقّ في الحماية الاجتماعية لكافّة المواطنين.
  • وضع تصوّر لمستقبل العمل.
  • انعكاس التغيّرات المناخية على سوق العمل.

وإنّ الاتّحاد العام التونسي للشغل، إذ يؤكّد تمسّكه الثابت بالعمل اللائق الذي يحفظ الكرامة الإنسانية ويتيح الاندماج الإيجابي في محيط  العمل وفي المجتمع، حقّا أساسيا لجميع العاملات والعاملين، دون تمييز، تكفله أحكام المواثيق الدولية الملزمة ويضمنه الدستور وشرطا ضروريا للحفاظ على مناخ اجتماعي سليم محفّز للاستثمار وداعم للقدرة التنافسية للمؤسسات ولاستمرارها وديمومتها، فإنّه ينتهز إحياء  بلادنا مع المجتمع الدولي لليوم العالمي للعمل اللائق لدعوة الشركاء الاجتماعيين لاستئناف المجهود الوطني لتفعيل مضامين العقد الاجتماعي من خلال تكريس تعهّدات مختلف الأطراف المجسّمة في مذكرة اتّفاق برنامج العمل اللائق لتونس وتفعيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي حتّى يضطلع بالمهام الموكولة إليه والتي نجد بلادنا اليوم في أمسّ الحاجة إليها لتجاوز التداعيات السلبية لجائحة الكورونا على الأجراء وعلى المؤسسات وعلى الاقتصاد  الوطني.

عــــــــــــاشت وحدة الطبقة العـــاملة في العـــــــــالم.

الامين العام

نورالدين الطبوبي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى