أخبار الرئيسيةبيانات وبلاغات

بيان حول قانون تجريم العنف ضد المرأة

تونس، في 31 جويلية 2017

 

بيان حول قانون تجريم العنف ضد المرأة

 

شكّلت مكاسب المرأة في تونس مرجعا ونموذجا للعديد من البلدان، وقد جاءت تراكما لجهود أجيال من المصلحين وفي مقدّمتهم المصلح الفكري والاجتماعي الطاهر الحدّاد، وتوّجت بالخطوة التاريخية الجريئة التي أقدم عليها الرئيس الحبيب بورقيبة بتجسيد نضالات وآمال عشرات المصلحين ومئات المناضلات في تشريعات مجلّة الأحوال الشخصية، لتستمرّ بعد ذلك نضالات المجتمع المدني والباحثات والباحثين في النوع الاجتماعي وخاصّة منها الجمعيات النسويّة العريقة من أجل حماية حقوق المرأة ودعم مكاسبها ومن أجل تطوير مجلّة الأحوال الشخصية.

وقد لعب الاتحاد العام التونسي للشّغل طيلة مسيرته النضالية دورا فاعلا في العمل على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة على مستوى تشريعات العمل سواء في مجلّة الشغل أو فيما أبرمه من اتّفاقيات مشتركة أو في القوانين العامَّة للوظيفة العموميّة والمنشئات والدواوين العمومية، ففرض في النصوص منع التمييز ضدّ المرأة في الحقّ في العمل عموما وفي الانتداب والأجر والترقيات والوظائف… وضَمِن لها، وندّها الرجل، حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، بل وخصّها بتشريعات تميّزها مراعاة لأوضاعها الخاصة كالحمل والولادة والرضاعة… وقد أنهى الاتحاد أخيرا مفاوضات مع الجهات المعنية لتنقيح القانون لتمتيع المرأة بعطلتي ولادة وأمومة أطول وتمكينها من عطلة ما قبل الولادة… كما ستمثّل الاتّفاقية الأخيرة الممضاة في جينيف بين الحكومة والاتحاد واتّحاد الصناعة والتجارة منطلقا لتوفير مقوّمات العمل اللائق للأجراء عموما وللمرأة على وجه الخصوص. كما قطع أشواطا كبيرة في إشراك المرأة في مراكز القيادة عبر تعديل القانون الأساسي والنظام الداخلي وإقرار تدابير إيجابية لذلك زيادة على ما تفرزه صناديق الاقتراع في كافة التشكيلات النقابية مع تفعيل لجان المرأة العاملة في مختلف سلطات القرار داخل الاتحاد العام التونسي للشّغل.

ولئن تقدّمت التشريعات والنصوص القانونية أشواطا فقد ظلّ الواقع بعيدا عن المنشود، فاستمرّت معاناة المرأة ومورست عليها شتّى أنواع الاستغلال والحيف الاجتماعي مثلما هو الحال في مجال الأعمال الفلاحية والأشغال المنزلية وتكرّس ضدّها التمييز في جميع المجالات تقريبا بما فيها مجال العمل، إذ كثيرا ما يتمّ خرق القوانين بالامتناع عن تشغيل النساء في بعض الأعمال وانتدابهنّ بأجور متدنّية ومنعهن من تقلّد عدد من الوظائف بتعلاّت واهية، فالمرأة مازالت مثلا في القطاع الخاص محرومة ممّا تتمتّع به العاملات في القطاع العام والوظيفة العمومية بخصوص عطلتي الولادة والأمومة وتوقيت الرضاعة فضلا عن توقيت العمل وغيره من المكاسب المضمّنة في التشريعات والقوانين والاتفاقيات.

وقد جاء القانون الأساسي المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة ليدعّم مكاسب المرأة وليكون بمثابة الثورة الثانية في مجال تشريعات حماية المرأة بعد مجلّة الأحوال الشخصية وليعمّم الحقوق لتشمل جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والمدنية للمرأة وليمنع التمييز ضدّها واستغلالها والاعتداء عليها مادّيا ومعنويا بوصفها إمرأة…

وَإِنَّ المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشّغل، إذ يثمّن هذا القانون الأساسي ويشيد بدستوريّته ويُكبر جهود المنظّمات والجمعيات والشخصيات الوطنية المتظافرة للوصول إلى المصادقة على فصوله، فإنّه يتوجَّه بالتحيّة إلى كلّ من ساهم في هذا القانون فكرة وصياغة وتنقيحا إيجابيّا ومصادقة ولكلّ من مارس كلّ الضغوط النضالية لفرض رؤية وتوجَّه تقدّميين لهذا القانون، كما يدعو إلى مواصلة التجنّد من أجل الإسراع بتنزيل فصول هذا القانون الأساسي في مجمل المنظومة التشريعية التونسية بما يضمن تلاؤما وانسجاما مع روحه وأهدافه وغاياته، والعمل على وضع تدابير وإجراءات كفيلة بحماية حقوق المرأة في جميع المجالات ومقاومة كلّ أشكال التضييق والتحايل على القانون التي يلجأ إليها الكثيرون على أرض الواقع، والتصدّي لكلّ انتكاسة أو محاولة ارتداد إلى الوراء. كما يدعو الحكومة التونسية إلى الإسراع بالمصادقة على الاتّفاقيات الدولية حول المرأة وخاصّة الاتّفاقية 183 المتعلّقة بحماية الأمومة.

 

الأمين العام

نورالدين الطبوبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى