
بيان ذكرى أحداث النفيضة المجيدة
تونس، في 21 نوفمبر 2020
بـــــــيان
تمرّ اليوم سبعون سنة على أحداث النفيضة المجيدة، ففي مثل هذا اليوم من سنة 1950 وأمام عزيمة وإصرار عاملات وعمّال النفيضة على مواصلة الإضراب الذي شنّوه من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة المتمثّلة في حقّهم في الزيادة في الأجر وتطبيق القانون الأساسي المنظّم للعمل الفلاحي، وأمام اتّساع رقعة الاحتجاج التي عمّت البلاد وخوفا من مزيد استفحالها، أقدمت السلطات الاستعمارية على اقتراف مجزرة رهيبة ضدّ العمّال المضربين والأهالي المساندين لنضالهم وذلك في محاولة لإخماد روح المقاومة فيهم.
سبعون سنة تمرّ على ملحمة بطوليّة قادها عمّال الفلاحة الذين كانوا منذ احتلال البلاد في الصفوف الأمامية للمقاومة خاصّة أنّ انتصاب الاستعمار بدأ باستباحة الأراضي الزراعية وإخضاع العملة الفلاحيين إلى شتّى أنواع الاستغلال والابتزاز وهو ما زرع فيهم روح المقاومة والتحدّي ودفع بهم إلى الانخراط مبكّرا في العمل النقابي والالتحاق بالإتحاد العام التونسي للشغل عند تأسيسه سنة 1946، وواصلوا بذلك مراكمة نضالات عمّال الفلاحة التي انطلقت مبكّرا في سوق الأربعاء وحمّام الشطّ وفي غيرها من جهات البلاد الخاضعة للاستعمار الفرنسي الغاشم.
لقد خلّفت هذه الجريمة استشهاد عديد العمّال من بينهم إمرأة حامل بتوأم وسقوط عشرات الجرحى واعتقال عدد من المحتجّين وهو ما دفع بالاتحاد إلى الإعلان عن يوم حداد وطني في كامل البلاد كتعبير عن إدانة الشعب التونسي لهذه الجريمة البشعة.
وقد مثّلت هذه الحادثة منعرجا تاريخيّا حاسما في مسار المقاومة الوطنيّة وهيّأت الظروف لانتشار الثورة الشعبية والمقاومة المسلّحة ضدّ الاستعمار في كافّة أرجاء الوطن، ولنتذكّر كلمة حشّاد المأثورة “أحبّك يا شعب” التي جاءت على وقع أحداث النفيضة خالدة الذكر وتأبينا لشهدائها، ولذلك فإنّنا نحيي هذه الذكرى تخليدا لأبطالها ووفاءً لشهدائها واعترافا بدورهم الكبير في إذكاء روح المقاومة والنضال من أجل التحرّر الوطني ومن أجل حقّ التونسيات والتونسيين في حياة كريمة وعمل لائق في ظلّ دولة وطنية مستقلّة. لكنّها، في نفس الوقت، ذكرى للاعتبار بما يجعلنا اليوم في طليعة المطالبين بإعادة الاعتبار لقطاع الفلاحة هذا القطاع الاستراتيجي الذي يحقّق الأمن الغذائي والتخلّص من التبعية للخارج، وفي هذا الإطار فإنّ ذكرى أحداث النفيضة تمثّل مناسبة محفّزة كي نواصل ما بدأناه سنة 2014 بالعمل على إحداث اتفاقية إطارية تنظّم العلاقات الشغليّة في القطاع الفلاحي رأت النور في ديسمبر 2015 ونرنو إلى ترجمتها في أقرب الأوقات في اتفاقيات مشتركة قطاعية بالحوار والتفاوض مع الشريك الاجتماعي الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
سبعون سنة تمرّ على هذه الذكرى المجيدة والآلاف من العاملات في القطاع الفلاحي لازلن يعملن في ظروف مهينة لكرامة الإنسان، من حيث تدنّي الأجور وغياب الحماية الاجتماعية وظروف نقل إلى المزارع كارثية أدّت إلى وفاة العشرات منهنّ وهو الأمر الذي يجب أن يكون من أوكد اهتمامات الشركاء الاجتماعيين حتّى نكون أوفياء للقيم التي دافع عنها شهداء أحداث النفيضة وحتّى نكرّس أهمّ استحقاقات الثورة في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وننسجم مع ما أقرّه الدستور من ضمان للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكلّ التونسيات والتونسيين ومن بينهم عاملات وعمّال الفلاحة.
المجد والخلود لشهداء الوطن
المجد والخلود لشهداء النفيضة
عاش الاتحاد العام التونسي للشغل
الأمين العام
نورالدين الطبوبي